كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الصومال وقراصنتها التي صارت تتصدر عناوين الصحف اليومية والأخبار العالمية في جميع الفضائيات حتى صرنا كلما التفتنا إلى مياه الخليج ذكرتنا سفنه وأمواجه بقراصنة خليج عدن والمحيط الهندي.
والغريب أن العالم لم يتحرك _وأخص العرب بالذكر لأن الصومال لمن لا يعرف هي دولة عربية إسلامية_إبان احتلال أثيوبيا للصومال وتشريد الآلاف واغتصاب النساء. ولنا أن نشاهد ما يحدث للمسلمين والمسلمات في إقليم اوجادين_ هذا الإقليم على سبيل المثال لا الحصر _حتى نعرف مدى المعاناة التي يعاني منها المسلمون هناك...ليس هذا فحسب بل إن المسلمات هناك قد حملوا السلاح لمساعدة أبناء وطنهم والدفاع عن أنفسهم ضد أعمال العنف والاغتصاب من قبل القوات الإثيوبية
لم يتحرك العالم الغربي والعربي لنصرة دولة لها سيادة بل لم تتحرك وسائل العالم بمثل ما تحركت له إبان اختطاف سفينة أو ناقلة نفط أو ما شابهها
لماذا؟... لأن العالم لا يعنيه إلا مصلحته فقط لا غير ولا تعنيه هذه الصومال الدولة الفقيرة التي لا تحتوي أراضيها على مخزون بترولي أو غاز طبيعي أو أي سلعة اقتصادية إستراتيجية تغري القوات الدولية لنصرة هذه الدولة المغلوبة على أمرها
وإذا كان هذا حال العالم الذي يبحث عن مصلحته فلماذا لم تتقدم الدول العربية بالمشاركة لمساعدة الصومال؟ لكن حينما تم خطف حاملة النفط السعودية وتهديد العمل بقناة السويس نظراً للخطورة البالغة للسفن المارة بمضيق باب المندب من قبل القراصنة هنا وهنا فقط أصدرت جامعة الدول العربية وأمينها العام السيد " عمرو موسى " بياناً يطالب فيه بضرورة تواجد قوات دولية بهذه المنطقة لحماية المصالح العربية والعالمية...أما المصالح الصومالية فلها رب يحميها ولا حاجة لها لقوات عربية أو إسلامية في مواجهة الدول المعتدية بالإضافة للمجاعات والأمراض المنتشرة بها,وتزايد الطلب في الفترة الأخيرة على طلب قوات أمنية متواجدة بالمنطقة وذلك بعد تعدد اختطاف السفن الأمريكية واليونانية والألمانية والمصرية طبعاً مثل بلو ستار ومؤخرا السفينتين المصريتين اللتين مازالا قابعتين تحت الاختطاف
وأريد أن أوضح للجامعة العربية من ناحية وللعالم أجمع من ناحية أخري أمر غفل عنه الغافلون ألا وهو : لو انتشرت قوات العالم أجمع لحماية هذه المنطقة لن يتسنى لها ذلك إلا بقيام دولة ذات سيادة وقوة اقتصادية وحربية لحماية هذه المنطقة وإرساء الأمان بالمنطقة لأن أي قوات بالمنطقة دون استقرار فعلي للدولة سيؤدي إلى مواجهات عسكرية مستمرة بين القراصنة والقوات الدولية ناهيك عن مساعدات بعض الدول التي لها مصلحة بإستمرار التوتر بهذه المنطقة هذا إلى جانب التكلفة الباهظة لمثل هذه القوات وإقامتهم الدائمة هناك...ولنا في مثال العراق وأفغانستان ودارفور وغيرها من أماكن التوتر العالمي التي انتشرت بها قوات دولية لن يتم استقرار هذه المناطق ولن تكون المنطقة آمنة إلا بقيام دولة لها سيادة وقوة حربية تستطيع تأمين المنطقة
ولمعلوماتك فلقد كان للتدخل الأجنبي اليد الأولى في تفتيت الصومال وهي الآن تدفع الضريبة...فلقد كان الجزء الشمالي خاضع للأحتلال الإنجليزي والجنوبي للإيطالي وتم تحريرهما وانتظرا انضمام جيبوتي التي استقلت عن فرنسا ولكن جيبوتي رفضت واستقلت بدولتها وأتي بعد ذلك الجزء الأهم وهو إقليم أوجادين الذي تنازعت عليه الصومال المسلمة مع جارتها إثيوبيا المسيحية وكانت نصرة الدول الاشتراكية المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي وكوبا و أمريكا الدور الأكبر لانتصار إثيوبيا ثم نأتي للجزء الشمالي الشرقي المتنازع عليه مع كينيا وكان لتدخل انجلترا الدور الأكبر لانضمامه لكينيا والذي يمثل عبئاً على كينيا عسكرياً واقتصادياً
كل هذا حدث ومازال يحدث ولا ترى تدخلاً لجندي عربي أو إسلامي واحد لحل مشاكل الصومال ولكن إذا كان الأمر يتعلق بقناة السويس أو بالنفط والتجارة العربية الدولية فالتدخل حاضر وقرارات جامعة الدول العربية قوية ومؤثرة
أنا لا أؤيد أو أوافق على عمليات القرصنة بالطبع ولكني ألوم على دول العالم التي لا تحل المشكلة من جذورها بل تبحث عن المسكنات وتترك محاربة المرض.القوات الدولية مسكن قصير المفعول ولكن قيام دولة صومالية قوية هو حل هذه المشكلة الجذرية وكما تدخلت دول العالم لإحتلال الصومال عليها التدخل لتحريرها وإرساء الأمن في منطقة عانت من ويلات الحروب والإحتلال والفقر...